کد مطلب:306616 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:166

عائلة الزنوج


قال صاحب قصة الرق و الرقیق:

.. و لیس العبد أو الجاریة ما اشتری هذا السید الابیض من تاجر الرقیق، و انما أیضاً ما ینسل هذا العبد أو هذه الجاریة بعد هذا من أولاد و بنات، هم أیضاً عبیده، یسخرهم كما یشاء و یبیعهم عندما یرید، و یفصل بین الام و ابنها، و بین الاب و ابنه.

و یباع الاخوة و الاخوات لعدد من ملاك الرقیق.. فینشأ الزنجی و یشب و هو لا یرعف لنفسه أباً و لا أماً و لا أخاً.. و لا أحد من الناس.

و لم یكن هناك شی ء اسمه «عائلة زنجیة».. عائلة مكونة من زوج و زوجة و أولاد.. ان هذا النظام الذی یعرفه البشر جمیعاً منذ بدء الخلیقة كان غیر معروف للزنوج، و كان محرما فی بعض ولایات الجنوب بحكم القانون فقد قضت المحكمة بأن «الزواج نظام غیر قائم بالنسبة للزنوج.. و ذلك لانه من الحقوق المقررة للسید حقه فی أن یفصل بین الرجل و المرأة اللذین یعیشان معا.. و من حقه أن یفصل عنهما الذریة التی جاءت نتیجة معیشتهما معا.. یتم هذا حسب رغبته و مشیئته.. و لهذا فلا یجوز اعتبار الزواج قائماً بالنسبة للزنوج»!

و قضت محكمة اخری بأن «الاب» لا یمكن الاعتراف به فی حالة الزنوج.. و لهذا یجب أن تنسب الذریة الی الام لانه یمكن التأكد من هذه الناحیة.. اما الاب فیمكن ان یكون أی واحد من الناس!

و مع ان المحاكم قضت بأن الابن و الابنة ینسبان الی الام، الا انه عند التطبیق

لم یكن هناك أی شعور بهذه «الامومة» فمثلا مات احد الاسیاد عن غیر وریث فبیع عبیده فی المزاد.. و كانوا أماً و عدداً من الصبیة والبنات بیعوا لعدد من


المشترین.. ثم بیعت الأم.. فتعلقت بأحد أطفالها، وانكفأت علی قدم الرجل الذی اشتراها، تتوسل الیه ان یشتری طفلها ایضاً.. لیبقی معها طفل واحد من اطفالها.. وتوسلت.. و بكیت وانتحبت. فأزاحها الرجل بقدمه فی قسوة و عنف قائلاً: لا أرید أن اشتری اطفالاً.. أرید «عبدة» فقط!

صورة بشعة.. تجرد فیها الانسان من كل ما یلیق بالانسان [1] !

و لعل حیاة اطفال العبید فی تلك المدن تصور الحالة التی عاشها الزنوج حینئذاك، فقد كتب احد العبید فیما بعد یصف ایام طفولته فقال:

«لم یكن الواحد منا یمتلك حذاء و لا جوربا و لا جاكتة و لا بنطلونا.. كان اغلبنا یغطی جسمه كله بالقمیص، و لا یملك سوی قیمصین.. فاذا بلیا، ظل عاریا أو شبه عارٍ.. حتی یستطیع أهله یحصلوا له علی قمیص.. و كنا عند النوم نتوزع علی الاركان المحیطة بالمدفأة التی تطبخ علیها أمهاتنا، و ندفن أقدامنا فی رماد المدفأة لنحس بشی ء من الدف ء.. و لم تكن عندنا أطباق أو آنیة للطعام، فكان الطعام یوضع علی الارض مثلما یوضع أمام الخنازیر.. و تنادینا أمهاتنا لتناول الطعام فنجری، تماما مثلما تجری الكلاب، لنلتهم الطعام القلیل الملقی علی الارض.. و كان بعضنا یحتفظ «بمحارة» یستعملها مثلما یستعمل البیض الملاعق!.. و كان أسر عنا فی الاكل هو الذی یستطیع ان یأكل أكثر و كان أقوانا بنیة یزیح الضعیف جانبا و یستولی علی نصیبه».

و كان الطعام قلیلاً و ردیئاً و لا یشبع البطون الجائعة، فكانوا یسرقون ما تصل الیه أیدیهم.. و لم یكن الزنجی یشعر بانه یسرق لانه كما قال هذا الكاتب الزنجی فی مذكراته: ان هذه لیست سرقة.. لانها لا تؤثر فی ملكیة الرجل الابیض


للطعام.. ان هذا السید الابیض یملك الطعام عندما یكون مخزوناً فی بیته، و هو مازال یمله و هو فی معدتی.. لاننی، و معدتی، و ما فیها، كله ملك له!


[1] قصة الرق و الرقيق في امريكا ص 213 و 214.